صحف وتقارير

صيف خانق ومدن طاردة للأطفال: من يملك حق اللعب في شوارعنا؟

لماذا تفشل المدن الحديثة في توفير مساحات عامة آمنة للأطفال؟

مع كل موجة حر تضرب المدن الأوروبية، تتجلى فجوة عميقة في التخطيط الحضري: أين يذهب الأطفال؟ وكيف يمكن للأهالي التعامل مع طاقة صغيرة لا تنضب في ظل غياب مساحات عامة آمنة، ومجانية، ومفتوحة للعب؟

بصوت أم بريطانية تخوض تجربة الأمومة للمرة الأولى، تتحول الشوارع، والأرصفة، والحدائق إلى ساحات اختبار مرهقة لكل من يرعى طفلاً صغيرًا. فمع أن كثيرين يعتبرون وجود طفل فرصة لاكتشاف العالم من جديد، إلا أن المدن الحديثة. كما تشير الكاتبة، تكشف سريعًا عن وجهها القاسي أمام الأقدام الصغيرة والآباء المنهكين.

حين تتحول المدينة إلى متاهة من العراقيل. 

تكتشف الأسر اليومية حجم الإقصاء في البنية التحتية:

لا وجود لممرات منحدرة للعربات، بل سلالم.

ولا يوجد مقاعد في الطرقات لتناول وجبة خفيفة أو رضاعة طفل.

غياب الحمامات العامة أو أماكن لتبديل الحفاضات.

لا ظل في الحدائق، ولا أماكن لملء زجاجة ماء.

ولا حتى سياج يفصل الأطفال عن الشوارع المزدحمة أو البرك العميقة.

كل هذه التفاصيل، التي تبدو هامشية، قد تقلب يومًا صيفيًا إلى تجربة محبطة وربما خطيرة.

أقرأ ايضا

7 مشاهد لا تُنسى من زفاف بيزوس في البندقية.. رفاهية تفوق الخيال لمدة 3 أيام!

. ملاعب مغلقة وبرك عطشى

في حي كامدن بلندن، أُغلقت ساحة ألعاب “فولكلاند بليس” منذ شهور بلا تفسير، لتكون نموذجًا لفشل البلديات في صيانة ما تبقى من المساحات العامة. الأسوأ هو غياب البدائل في أيام الحرّ الشديد، حيث تُغلق برك المياه الترفيهية، أو تتعطل أجهزة الرش، كما حدث في برايتون وليمنجتون سبا. في لحظات كهذه، يشعر الأهل وكأن هناك من يعاقبهم.

عندما تصبح المساحات الخاصة بديلاً عن العامة
في مفارقة مؤلمة، يبدو أن المساحات الممولة من القطاع الخاص، مثل منطقة “كول دروبس يارد” في كينغز كروس بلندن، أصبحت أكثر جذبًا للعائلات رغم طابعها التجاري. فوجود نوافير مياه، وأسواق طعام، وسينما في الهواء الطلق، منحها حيوية محببة، دون أن تطغى عليها الطفولة أو تتجاهلها.

لكن الاعتماد على هذه “المساحات شبه العامة” لا يمكن أن يكون بديلاً دائمًا. فالوصول إليها مرهون بالقدرة على التنقل، والشراء، والاندماج في نموذج استهلاكي لا يتناسب مع كل الأسر.

النموذج الإسباني… حيث يلتقي اللعب مع الحياة. 

على الضفة الأخرى من المتوسط، تلهم التجربة الإسبانية كثيرين. في إسبانيا، يُنظر إلى المساحات العامة باعتبارها امتدادًا للحياة اليومية، وليس فقط مرفقًا للترفيه. الساحات مظللة، مزودة بمقاعد وطاولات مقاهي، والأطفال يمرحون بينما الأهل يتناولون مشروبًا أو يتبادلون الحديث.

في هذه المدن، لا يُنظر إلى الطفل كعبء، بل كجزء من المشهد. ويبدو أن الأمسيات الصيفية هناك تحولت إلى الوقت الذهبي للعب، بعد أن تصبح حرارة النهار لا تطاق.

هل يمكن لبريطانيا أن تتبنى هذا النموذج؟ 

رغم اختلاف الطقس والعادات، بدأت بعض مظاهر الحياة الليلية العائلية تظهر في المدن البريطانية. الأطفال باتوا يتأخرون قليلًا في الملاعب، والأهالي يبحثون عن أماكن آمنة لهم في ضوء المساء.

لكن من أجل التحول الحقيقي، تقول الكاتبة، لا يكفي تعديل المواعيد، بل يجب إعادة تصميم المدن لتلائم من يعتنون بالأطفال، وتعيد التوازن بين احتياجات الراشدين والصغار على حد سواء.

وأخيرًا… هل يمكننا بناء مساحات للجميع؟

تُقر الكاتبة بأن الحياة في دول أخرى ليست دائمًا أفضل، وتعرض مثالًا عن أطفال إيطاليين كانوا ينامون في عرباتهم حتى منتصف الليل بينما أهلهم يحتفلون، وهو أمر لا يناسب كل الأطفال.

لكنها تدعو إلى نقطة توازن: مدينة تسمح للأطفال باللعب، وتمنح الكبار حق الجلوس والراحة، تحت ظل شجرة، بجوار نافورة، أو في مساحة خضراء لا تحتاج إلى بطاقة دخول.

مع تزايد موجات الحر، وازدحام المدن، وارتفاع تكلفة الترفيه، يبدو أن المساحات العامة الصديقة للعائلة لم تعد رفاهية… بل ضرورة حضرية.

اقرأ ايضا

فيكتوريا سيكرت تنهار.. وكيم كارداشيان تخطف الأضواء وتصعد على فشلها

ياسمين خليل

ياسمين خليل، حاصلة على ليسانس آداب قسم علوم الاتصال والإعلام، تتمتع بخبرة في إدارة المحتوى والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب مهاراتها في الإعلام والعلاقات العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى