مقالات وآراء

مصر بعد إيران .. العاصفة القادمة

من طهران إلى سيناء ... طريق النار

بكل وضوح:
هزيمة إيران، إن حدثت ، لن تكون مجرد نصر عسكري أو سياسي للتحالف الغربي – الإسرائيلي، بل ستكون لحظة فاصلة في إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط… وموعد انطلاق المشروع الحقيقي: مشروع إسرائيل الكبرى.

من طهران إلى سيناء… طريق النار

القضاء على إيران، بكل ما تمثله من تهديد نووي وصاروخي واقتصادي وتحالفات إقليمية، سيمهّد الطريق لتفكيك العقبة الأولى أمام المشروع التوسعي الص*هيوني. لكن العقبة التالية، وربما الأصعب، ستكون مصر.

المرحلة التالية ستبدأ فورًا بالضغط المباشر على القاهرة:
تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، تمهيدًا لضم الضفة الغربية لإسرا*ئيل، وتحويل قطاع غزة إلى عبء مصري بغطاء دولي.

رفض مصر لهذا السيناريو، وهو الرفض المتوقع والمعلن، لن يمر دون ثمن.

بل ستتجه إسرا*ئيل إلى التحرش السياسي والعسكري، بذريعة أن القوات المصرية في المنطقة “ج” بسيناء – المخصصة فقط للشرطة بموجب اتفاقية السلام – باتت وجودًا غير مبرر بعد انتهاء الحرب على الإرهاب. وستطالب تل أبيب بسحب هذه القوات، ملوّحة بإلغاء تفاهمات سابقة. وفي الخلفية، ضغوط أمريكية وأوروبية ستتزايد، سياسيًا واقتصاديًا، لدفع مصر نحو الانصياع.

 العزلة الاستراتيجية لمصر

إذا دخلت مصر هذه المواجهة، فستجد نفسها شبه منفردة.

الخليج؟ مشغول بحسابات التطبيع واستقرار الأنظمة، ولن يغامر.

المغرب العربي؟ بعيد جغرافيًا ومشتت سياسيًا.

سوريا؟ خاضعة لحسابات دولية، وفي وضع لا يؤهلها للعب دور استراتيجي.

لبنان؟ مقيد داخليًا ومخترق خارجيًا.

العراق؟ سيفقد توازنه مع سقوط طهران.

تركيا؟ تحركها مصالحها ومكاسبها، ولا تنظر لمصر كحليف أول.

وعند هذه النقطة تحديدًا، ستتضح الحقيقة الكبرى:
مصر، لا سواها، ستكون آخر جدار صد أمام الحلم الإسرا*ئيلي.

ليست نظرية مؤامرة… بل خطة معلنة

قد يقول قائل: هذه مبالغات أو تحليلات تشاؤمية.
لكن الحقيقة أن المخطط ليس سرًا. بل هو موجود في كتابات ساسة تل أبيب، ومراكز الفكر في واشنطن، وحتى في تصريحات سابقة لمسؤولين غربيين:
“مفتاح الاستقرار في المنطقة يبدأ من تفكيك إيران… وينتهي بتطويع مصر.”

ولذا، فالمعركة لم تبدأ الآن… بل بدأت منذ سنوات، عبر محاولات إنهاك مصر اقتصاديًا، وتركيعها اجتماعيًا، وتشتيت شعبها ثقافيًا، وتفكيك إرادتها سياسيًا.

هي معركة “نفس طويل”… لكنها في جوهرها معركة بقاء.

العدو الأقرب.. لا الأبعد

نعم، لإيران أطماع… ولتركيا أيضًا…
لكن من يراهم الخطر الأول – بسبب مذهب أو تاريخ أو خلافات جانبية – عليه أن يعيد النظر.
فـالخطر الحقيقي هو ذلك الكيان الذي لا يزال يرى في مصر “الجائزة الكبرى”.

الجغرافيا تقول ذلك.

التاريخ يؤكده.

العقيدة الصهيونية تصر عليه.

مصر ليست مجرد رقم في المعادلة، بل هي المعادلة نفسها.
هي “الموقع”، وهي “القرار”، وهي “الكتلة السكانية”، وهي “الهيبة”.
ولذلك، فإن إخضاعها ليس خيارًا لإسرا*ئيل… بل ضرورة وجودية.

 بين الرضوخ والمواجهة

بين خيار الرضوخ “الناعم” تحت شعارات إنسانية أو تسويات إقليمية،
أو خيار المواجهة المستقلة مهما كانت الكلفة،
تقف مصر أمام لحظة مصيرية…

لحظة قد تُسجّل في التاريخ، كما سُجلت لحظات فارقة من قبل.

ويبقى السؤال:
هل نستعد من الآن… أم ننتظر أن تفرض المعركة نفسها؟

إسماعيل نبيل

إسماعيل نبيل مذيع إذاعي وتلفزيوني وكاتب مقالات. يتميز بأسلوبه المهني وصوته المميز، ويمزج في أعماله بين التقديم الإعلامي والتحليل الثقافي والاجتماعي والسياسي ، كما يكتب مقالات رأي تتناول قضايا الشأن العام في صحف ومواقع عربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى