قمة بودابست تتبخر.. واشنطن تُلغِي اللقاء وبوتين يرد عبر الكرملين

في تصعيد جديد للعلاقات المتوترة بين موسكو وواشنطن، أفادت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن الولايات المتحدة ألغت القمة التي كان من المقرر عقدها هذا الشهر في بودابست بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، بعد فشل المحادثات التمهيدية حول الحرب في أوكرانيا. وأشارت الصحيفة إلى أن القرار جاء عقب مكالمة هاتفية “شديدة التوتر” بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرجي لافروف، ما عكس حجم الخلافات بين الجانبين حول شروط التسوية. وتحدثت تقارير عن أن موسكو تمسكت بمطالبها، وعلى رأسها تنازل كييف عن أراضٍ إضافية مقابل وقف إطلاق النار، وهو ما رفضته واشنطن باعتباره مساسًا بالسيادة الأوكرانية. هذا التطور المفاجئ يعكس هشاشة الجهود الدبلوماسية الجارية، ويعيد إلى الواجهة تعقيدات المشهد الدولي الذي لا يزال يتأرجح بين التصعيد والبحث عن التهدئة.
الكرملين يطالب بالاعتماد على المصادر الرسمية فقط
ردّ الكرملين سريعًا على التقرير البريطاني، مؤكدًا أن ما نُشر “غير دقيق”، وداعيًا إلى الالتزام بالتصريحات الصادرة فقط عن وزارتي الخارجية في البلدين. وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن “الرئيسين لا يمكن أن يجتمعا لمجرد الاجتماع، بل يتطلب الأمر تحضيرًا جادًا وجدول أعمال واضحًا”. كما أشار إلى أن التحضير لأي لقاء بين بوتين وترامب هو “عملية معقدة تتطلب تنسيقًا عميقًا”. من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن بلاده لا تزال منفتحة على الحوار لكنها “ترفض أي مفاوضات تتجاهل الأسباب الجذرية للصراع”، مؤكدًا أن روسيا مستعدة للتعامل مع واشنطن “وفق وتيرة مريحة للأمريكيين”.
مطالب موسكو وشروط واشنطن
وفقًا لما نقلته فاينانشال تايمز، فقد أرسلت وزارة الخارجية الروسية مذكرة إلى واشنطن توضح فيها شروطها لعقد القمة، شملت تنازلات حدودية من كييف، وخفض قواتها المسلحة، وضمانات بعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذه المطالب واجهت رفضًا قاطعًا من أوكرانيا التي أعلنت استعدادها للتفاوض دون التنازل عن أراضٍ إضافية. في المقابل، أكد ترامب أنه ألغى اللقاء “لأن الوقت لم يكن مناسبًا” ولغياب رؤية مشتركة للتفاهم. ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس برودًا متزايدًا في رغبة واشنطن بالحوار مع موسكو، في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى فرض معادلة جديدة على الأرض قبل الدخول في أي تسوية سياسية.
تراجع في الآمال الدبلوماسية وتصاعد احتمالات الجمود
إلغاء قمة بودابست المحتملة بين بوتين وترامب يشكل انتكاسة إضافية لمحاولات التهدئة بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم. فبينما تراهن موسكو على تحقيق مكاسب ميدانية تثبّت نفوذها الإقليمي، تواصل واشنطن دعم كييف سياسيًا وعسكريًا دون إظهار مرونة في مسألة الحدود. ويرى محللون أن استمرار غياب قنوات الاتصال المباشر بين الجانبين قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد غير المقصود، خاصة مع تنامي الخلافات حول العقوبات الغربية وممرات تصدير الحبوب. تصريحات ترامب الأخيرة خلال زيارته إلى ماليزيا حين قال “لن أضيع وقتي” عكست فتورًا واضحًا في الرغبة الأمريكية للحوار، ما يعزز الانطباع بأن فرص عقد قمة جديدة بين الزعيمين باتت محدودة في المدى المنظور.



