الصحة والتعليم

رغم حرارة الجو.. الأمهات ينتظرن خروج أبنائهن من لجان الثانوية العامة في أول أيام الامتحانات

دعوات الأمهات ودموع الانتظار.. مشهد يومي في أول امتحانات الثانوية العامة 2025

في صباح مشمس يفيض بالتوتر والرجاء، تكرّر مشهد إنساني مألوف لكنه لا يفقد أثره في كل موسم دراسي.. أمام لجنة مدرسة الشهيد أحمد محمد سيد إبراهيم بشارع الجامعة – الجيزة، افترشت عشرات الأمهات الأرصفة وتحت ظلال الأشجار، في انتظار خروج أبنائهن من أول امتحان في الثانوية العامة 2025.

ومع انطلاق امتحان اللغة العربية، صباح اليوم الأحد 22 يونيو 2025، وقفت الأمهات يحملن دعواتهن في قلوبهن، وبعضهن في أيديهن المسبحة، وعيونهن معلقة بأبواب المدرسة، وكل نبضة تمرّ، تحمل في طيّاتها خوفًا وأملًا، وذكريات رحلة طويلة من الكفاح في سبيل مستقبل الأبناء.

حرارة الجو لم تمنع الانتظار.. والأمومة تهزم التعب

رغم ارتفاع درجات الحرارة، وتزايد شدة الشمس في ساعات الصباح، فضّلت كثير من الأمهات الجلوس على الأرصفة المقابلة للمدرسة، مكتفيات بزجاجات المياه الباردة والمراوح اليدوية، أو حتى بقطعة قماش صغيرة يبللنها بين حين وآخر في محاولة لمقاومة حرارة الجو.

وعلى الرصيف الممتد أمام بوابة المدرسة، جلسن في صمتٍ يقطعه أحيانًا صوت دعاء عفوي، أو تنهيدة تحمل بين سطورها ما عجزت الكلمات عن التعبير عنه. بينما لجأت أخريات إلى الوقوف بجوار سور المدرسة، أو إلى ظل شجرة وحيدة قدّمت بعض العزاء من شمس يونيو الحارقة.

مشهد مفعم بالحب الخالص، لا يعترف بمسافات أو درجات حرارة أو تعب، فقط انتظار صادق ممزوج برغبة قوية في الاطمئنان.

مشاهد متكررة كل عام لكنها لا تفقد معناها

ربما اعتاد الناس على رؤية هذه المشاهد في كل موسم امتحانات، لكنها في الحقيقة لا تفقد شيئًا من بريقها أو رمزيتها. بل إن هذا الحضور النسائي الصادق أمام المدارس، يعكس جوهر الأمومة الحقيقي، الذي لا يرتبط فقط بالرعاية، بل يمتد إلى الدعم النفسي والروحي في كل المواقف الفاصلة من حياة الأبناء.

تقول إحدى الأمهات بصوت خافت وهي تمسح العرق عن جبينها: “مقدرش أسيبه لوحده.. طول عمرنا معاه، في المدرسة والدروس، إزاي أروّح وأنام وهو جوه اللجنة بيحارب!”

امتحان اللغة العربية.. أول اختبارات الثانوية العامة 2025

وبحسب ما أعلنته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، انطلق صباح اليوم أول أيام ماراثون امتحانات الثانوية العامة، بمادة اللغة العربية، وهي واحدة من المواد الأساسية التي تُحتسب ضمن المجموع النهائي للطالب.

وأكدت الوزارة أن الامتحان جاء متوازنًا في التوزيع، وراعى الفروق الفردية بين الطلاب. حيث تضمن 55 سؤالًا، من بينها 4 أسئلة مقالية، و51 سؤال اختيار من متعدد (MCQ)، بواقع 80 درجة للمادة، موزعة على 70 درجة للاختيار من متعدد، و10 درجات للأسئلة المقالية.

وأوضحت الوزارة أن وضع الأسئلة هذا العام تم بناءً على مواصفات دقيقة تهدف إلى قياس الفهم والاستيعاب والتحليل والتطبيق، بعيدًا عن الحفظ فقط، كما تم التأكيد على مراعاة الوقت المناسب للإجابة والمراجعة.

ما بين أم تُمسك بمصحفها، وأخرى تردد أدعية النجاح بصوت منخفض، وثالثة تُخفي دموعها في طرف عباءتها، كانت الساعة تمرّ ثقيلة على قلوب الجميع، إنه الانتظار الأصعب، ليس فقط لأن الامتحان الأول عادةً يحمل رهبة البداية، بل لأنه يفتح الباب نحو التوقعات والضغوط طوال الموسم.

إحدى الأمهات قالت لموقعنا: “ربنا يوفقهم كلهم.. أنا جاية من العياط مخصوص علشان ابني. كل اللي طالبه إن ربنا يثبت قلبه في اللجنة.”

التعليم: نعمل على تأمين اللجان وتحقيق العدالة

في بيان سابق، شددت وزارة التعليم على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتأمين اللجان ومنع الغش الإلكتروني أو التقليدي، وتوفير بيئة مناسبة للطلاب داخل اللجان، مع وجود مرافق طبية وتأمينات شرطية حول المدارس.

كما تم التنسيق مع المحافظات لتوفير وسائل المواصلات، وضمان انسيابية المرور، خاصة في محيط المدارس المخصصة كلجان امتحانات.

وأكد الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، أن الوزارة وضعت خطة دقيقة لضمان عدالة الامتحانات هذا العام، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، مع مراعاة ضغوطهم النفسية.

ما بين الأمل والقلق، الأمهات هن خط الدفاع الأول
مع قرب انتهاء زمن الامتحان، علت وجوه الأمهات نظرات الترقب والانتظار. البعض وقف أمام البوابة يفتش عن ملامح ابنه وسط الحشود، وأخريات بدأن يجهزن زجاجات المياه والمنديل ومسحة الجبهة، وكأنهن يُجدن استقبال جندي عائد من معركة.

في مشهد بسيط لكنه يحمل رسائل كبيرة عن التضحية والحب غير المشروط، كتبت أمهات الثانوية العامة اليوم سطورًا جديدة في كتاب الأمومة المصري.

ويبقى السؤال: هل نلتفت يومًا لتكريم هؤلاء السيدات، ليس فقط بعيد الأم، بل في كل موسم امتحانات؟ لأنهن لا ينتظرن شكرًا، فقط نجاحًا ينسيهن حرارة الشمس وثقل القلق.

خلود عاشور

خلود عاشور صحفية متخصصة تحمل شهادة في اللغة العربية من كلية دار العلوم، وتتمتع بخبرة راسخة في الصحافة الإلكترونية. على مدار مسيرتها المهنية، تعاونت مع عدد من أبرز المنصات الإخبارية المتخصصة، وكرّست جهدها لتغطية ملفات التعليم بكل أبعادها. تُعرف بأسلوبها التحليلي الدقيق وقدرتها الاستثنائية على تبسيط القضايا التعليمية المعقدة، ما رسّخ مكانتها كمصدر موثوق ومؤثر لدى جمهور واسع من القراء والمهتمين بالشأن التعليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى