إسرائيل تواجه مستقبلاً غامضًا في حربها ضد إيران رغم الدعم الأمريكي
أهداف تل أبيب الاستراتيجية تصطدم بواقع عسكري معقد واحتمالات تصعيد خطير

على الرغم من استمرار إسرائيل في تصعيدها العسكري ضد إيران، واستهداف منشآتها النووية والصاروخية، يرى دبلوماسيون وخبراء أمنيون أن تحقيق أهداف تل أبيب الاستراتيجية ما زال بعيد المنال، حتى لو نجح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في استقطاب تدخل عسكري مباشر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أهداف تفوق القدرات العسكرية
يرى محللون أن إسرائيل تميز بين “النجاح العملياتي” عبر استهداف مواقع أو شخصيات، وبين “النجاح الاستراتيجي” الذي يشمل تغيير النظام الإيراني أو تدمير بنيته النووية بالكامل، وهي أهداف تفوق قدراتها، سواء منفردة أو حتى بدعم أمريكي محدود.
ويقول البروفيسور توبي دودج من كلية لندن للاقتصاد: “لا يمكنك قصف التكنولوجيا أو الإرادة السياسية لإعادة البناء، حتى وإن نجحت في ضرب المنشآت”.
منشأة “فوردو”: عقدة التحصين وتبعات أمريكية
منشأة “فوردو” النووية، المحصنة على عمق 90 مترًا تحت الأرض، تمثل تحديًا عسكريًا كبيرًا، إذ يشكك الخبراء في قدرة القنابل الأمريكية على تدميرها. أي محاولة لضربها قد تستفز إيران لاستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة.
وحذر مسؤولون أمريكيون سابقون من أن هذا السيناريو قد يورط الولايات المتحدة في ردود إيرانية مباشرة، ويعرض جنودها للخطر، وربما يفتح الباب لاغتيالات متبادلة داخل النظام الإيراني.
تحذيرات من فخ تغيير النظام
تزايد الحديث الإسرائيلي عن استهداف المرشد الأعلى الإيراني أثار تحذيرات واسعة، كان أبرزها من المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، الذي نبه إلى كارثية هذا التوجه. ويرى محللون أن “قطع رأس النظام” لن يطيح به بالضرورة، بل قد يفعل آليات الخلافة المعقدة المتوقعة.
سلاح الجو وحده لا يصنع النصر
يشكك أندرياس كريغ من كينغز كوليدج في جدوى الغارات الجوية كاستراتيجية شاملة. ويقول: “الغارات لا تصنع النصر، وتجارب العراق وأفغانستان أثبتت أن حتى العمليات البرية الواسعة لا تضمن الحسم”.
ويضيف: “ما تفعله إسرائيل اليوم هو تكتيك عملياتي، وليس استراتيجية حقيقية، ومع الوقت يُستهلك الهدف السياسي لصالح الاستنزاف العسكري”.
ترامب في مأزق داخلي
قد يكون نتنياهو أخطأ في حساب موقف واشنطن. فالرئيس ترامب يواجه انقسامًا في صفوف مؤيديه، وتراجعًا في دعم خيار التدخل العسكري. هذا التردد قد يبعد إسرائيل عن أولويات البيت الأبيض في لحظة مصيرية.
التحديات الميدانية الإسرائيلية تتزايد
رغم كثافة الضربات الجوية، يواجه الجيش الإسرائيلي مصاعب ميدانية، منها نقص صواريخ الاعتراض، إرهاق طواقم الطيران، ضغط على صيانة الطائرات، وصعوبة تحديد أهداف جديدة.
تراجع وتيرة الغارات قد تستغله إيران لتظهر بمظهر الصامد، مما يمنحها تفوقًا معنويًا يترجم لاحقًا إلى مكاسب استراتيجية.
نافذة دبلوماسية تُفتح من جديد
في تناقض واضح مع التصعيد، أعادت الدول الأوروبية فتح قنوات التفاوض مع إيران في جنيف، وسط تلميحات من ترامب بإمكانية إعطاء فرصة للحلول الدبلوماسية.
ومع ذلك، فإن أي اتفاق نووي جديد قد يُكسب إيران شرعية أقوى ويُظهر محدودية القوة الإسرائيلية، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديدًا بعيد المدى.
خلاصة: مغامرة محفوفة بالمخاطر
يُختتم التحليل بكلام البروفيسور دودج: “إذا لم تصعّد إيران، وإذا لم تتدخل أمريكا، فإن إسرائيل تكون قد وضعت إصبعها في عش الدبابير – دون أن تكسب حربًا، لكنها تفتح بابًا واسعًا للمخاطر”.