الاقتصاد

أوامر ترامب النووية: خطة طموحة تصطدم بعقبات التمويل والبيروقراطية التنفيذية

البيت الأبيض يسعى لنهضة نووية تاريخية وسط تحديات إدارية ومالية معقدة

منذ أن وقّع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أربعة أوامر تنفيذية تهدف إلى إعادة إحياء ريادة الولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية، توالت التصريحات الطموحة التي تبشّر بـ”عصر جديد” للطاقة النظيفة والاستقلال الاستراتيجي.

وبينما سارعت شركات كبرى مثل “ويستنغهاوس” (Westinghouse) للإعلان عن خطط لبناء عشرة مفاعلات جديدة، فإن التحدي الحقيقي لا يكمن في إطلاق المبادرات، بل في تحويلها إلى واقع فعلي وسط عقبات بيروقراطية ونقص في الكوادر المؤهلة.

 خارطة طريق طموحة: أهداف الأوامر التنفيذية

تضمنت الأوامر الأربعة التي أصدرها ترامب ست أولويات رئيسية، تمثلت في:

تسريع وتيرة بناء المفاعلات النووية الجديدة.

تبسيط الإجراءات التنظيمية لمنح التراخيص.

دعم سلسلة إمدادات الوقود النووي المحلي.

تطوير تقنيات إعادة تدوير الوقود المستخدم.

توسيع صادرات المفاعلات والتكنولوجيا الأمريكية.

تعزيز القوى العاملة المتخصصة في القطاع النووي.

هذه الأهداف تُعبّر عن مطالب قديمة طالما نادت بها المؤسسات الصناعية مثل الرابطة النووية الأمريكية (NIA)، وهي تتقاطع مع دعوات إصلاح هيئة التنظيم النووي (NRC) وتوفير برامج لتأهيل الجيل القادم من العاملين في المجال.

عقبات حكومية: طموحات كبرى تصطدم بواقع إداري معقّد

رغم الجدية الظاهرة في الأوامر، إلا أن التطبيق العملي يصطدم بجملة من التحديات داخل الأجهزة الحكومية:

تعاني هيئة التنظيم النووي (NRC) من نقص حاد في الكوادر، وتواجه تخفيضات مستمرة في الميزانية.

وزارة الطاقة (DOE) بدورها تعمل تحت ضغوط مشابهة، ما يُعقّد قدرتها على تنفيذ المهام الجديدة.

النتيجة المتوقعة هي فجوة مقلقة بين الطموح السياسي والإمكانات التنفيذية المتوفرة.

 التكاليف الهائلة: 75 مليار دولار مطلوبة للتنفيذ

يتطلب تنفيذ هذه المبادرات ميزانية تقديرية لا تقل عن 75 مليار دولار، لتغطية بناء:

عشرة مفاعلات كبيرة جديدة.

توسعات بإجمالي 5 جيجاواط في المفاعلات الحالية.

ثلاثة مفاعلات تجريبية.

مفاعل نووي صغير لصالح الجيش الأمريكي.

ورغم توفر أدوات تمويل مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وقروض وزارة الطاقة، والحوافز الضريبية، فإن استمرار تلك الأدوات وتوافقها مع برامج قائمة مثل قانون ADVANCE وبرنامج HALEU يعد أمرًا حاسمًا لنجاح التنفيذ.

 تعارض الأدوار: ازدواجية قد تربك النظام بدلًا من إصلاحه

بعض البنود التي وردت في الأوامر التنفيذية تُثير القلق بشأن إمكانية إرباك المنظومة التنظيمية بدلاً من تحسينها، ومن أبرز هذه البنود.

مطالبة هيئة NRC بإعادة صياغة لوائحها خلال 18 شهرًا فقط.

تدخل مكتب الميزانية (OMB) ودائرة الكفاءة الحكومية (DOGE) في مراجعة الإرشادات التنظيمية.

هذا النوع من الضغوط الزمنية غير واقعي، خاصة في ظل وجود إصلاحات تشريعية قائمة بالفعل قيد التطبيق، مما يهدد بحدوث تضارب أو تعطيل إضافي.

تجارب سابقة: دروس الماضي لا يجب أن تتكرر

شهد القطاع النووي الأمريكي عبر العقود الماضية إخفاقات في الالتزام بالجداول الزمنية، وتجاوزات كبيرة في الميزانيات، ما أضعف ثقة الجمهور. ورغم حدوث تعافٍ تدريجي، فإن فشل هذه المبادرة سيعيد الشكوك مجددًا، ويقوض أي دعم شعبي متزايد للطاقة النووية في ظل التحولات المناخية الراهنة.

خلاصه: بين الحلم والواقع

تُعد العودة إلى الطاقة النووية خيارًا استراتيجيًا جريئًا، خصوصًا في عصر يتسم بتزايد الضغوط المناخية والتنافس الجيوسياسي. غير أن النجاح لا يعتمد على النوايا والتصريحات وحدها، بل على قدرة الحكومة الأمريكية على ردم الفجوة بين الطموحات السياسية والقدرات التنفيذية. فدون تمويل كافٍ، وتنسيق فعّال، وإصلاح حقيقي للمنظومة، ستظل الطاقة النووية حلمًا مؤجلًا آخر في سجل التجارب غير المكتملة للولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً:

ارتفاع في مؤشرات البورصة في ٧ قطاعات

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى