رسالة سعودية نادرة من طهران: تفاوضوا مع ترامب وإلا فالحرب قادمة
زيارة سعودية غير مسبوقة إلى طهران: تفاوض مع واشنطن مقابل تعهد بعدم السماح بهجوم إسرائيلي

في تطور دبلوماسي لافت، حمل وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، خلال زيارته النادرة إلى طهران الشهر الماضي، رسالة سياسية واضحة إلى القيادة الإيرانية: التفاوض الجاد مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن اتفاق نووي جديد هو الخيار الأمثل لتفادي تصعيد عسكري محتمل، خاصة من قبل إسرائيل.
وفقًا لمصادر خليجية مطلعة، أكد بن سلمان – الذي التقى خلال الزيارة بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الأركان محمد باقري، ووزير الخارجية عباس عراقجي – أن المملكة تفضل اتفاقًا دبلوماسيًا مع الولايات المتحدة على أي عملية عسكرية قد تنفذها إسرائيل، إذا انهارت المفاوضات.
رسائل متعددة ووعود أمنية
خلال اللقاءات، أوضح الوزير السعودي أن إدارة ترامب تسعى لإبرام اتفاق خلال فترة قصيرة، وأن نافذة الحلول الدبلوماسية تضيق بسرعة. كما شدد على أن المنطقة – التي تمزقها حاليًا الحرب في غزة والتوترات في لبنان – لا تحتمل مزيدًا من التصعيد، مؤكدًا أن التصرفات الاستفزازية من قبل الميليشيات الحليفة لطهران قد تشعل مواجهة واسعة النطاق.
وفي هذا السياق، قدم بن سلمان ما يمكن اعتباره “عرضًا أمنيًا”، مفاده أن السعودية لن تسمح باستخدام أراضيها كمنصة لأي هجوم أمريكي أو إسرائيلي ضد إيران، إذا التزمت طهران بالتهدئة وتجنبت الأعمال العدائية.

الرد الإيراني: انفتاح مشروط وتحفظات على نوايا ترامب
من جانبه، أبدى الرئيس الإيراني بزشكيان استعداد بلاده للانخراط في مفاوضات من شأنها تخفيف الضغط الاقتصادي ورفع العقوبات، إلا أن الموقف الإيراني اتسم بالحذر والريبة من النهج الأمريكي، خصوصًا ما اعتبره الإيرانيون تناقضات في مواقف واشنطن بشأن حقوق التخصيب النووي وتفكيك المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد بزشكيان أن بلاده ترغب فعلًا في التوصل إلى اتفاق، لكنها “لن تضحي بحقها في تخصيب اليورانيوم فقط لإرضاء الرئيس ترامب”، على حد تعبيره. كما أشار إلى أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية لأغراض طبية وزراعية وصناعية هو “حق سيادي لا يمكن التنازل عنه”.

دعوة سعودية لمراجعة السياسات الإقليمية
لم تقتصر المحادثات على الملف النووي، إذ حث بن سلمان إيران على إعادة النظر في سياستها الإقليمية، خصوصًا بعد سلسلة الضربات التي تعرضت لها الجماعات التابعة لطهران في المنطقة، وعلى رأسها حماس وحزب الله وبعض الميليشيات الشيعية في العراق. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن بعض هذه الجماعات أبدت استعدادًا للتخلي عن سلاحها أو خفض مستوى نشاطها، فيما يواصل الحوثيون في اليمن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل بشكل شبه يومي.
ورغم أن المسؤولين الإيرانيين أقروا بتأثيرهم على الحوثيين، فإنهم أكدوا أن السيطرة الكاملة على قراراتهم العسكرية ليست ممكنة في ظل تعقيدات المشهد اليمني.

تحذيرات سعودية من رد فعل أمريكي مختلف
فيما شدد الوزير السعودي على أهمية ضبط النفس الإقليمي، نبه الجانب الإيراني إلى أن أي استفزازات قد تقابل برد أكثر حدة من قبل إدارة ترامب، مقارنة بما كانت عليه الأمور في عهدَي أوباما وبايدن. كما أضاف – بحسب التسريبات – أن الرياض ملتزمة بمنع استخدام أراضيها لأي عمل عدائي، طالما حافظت طهران على نهج سلمي ومتزن.
تصعيد دبلوماسي أمريكي: وثيقة شروط وإشارات تهديد
تزامنت الزيارة مع تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، كشفت فيه عن نية واشنطن تقديم “وثيقة شروط” لطهران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم، مع تحذير صريح بأن رفض الالتزام بهذه الشروط سيقود إلى “يوم سيئ” لإيران. ونقل التقرير عن مسؤول أمريكي قوله: “إذا رفضت إيران هذه الشروط، فلتعلم أن الأيام المقبلة لن تكون سهلة عليها”.

إسرائيل تراقب وتضغط: خطوط حمراء وتحذيرات مبكرة
على الجانب الإسرائيلي، تؤكد مصادر رسمية أن تل أبيب أوضحت للإدارة الأمريكية خطوطها الحمراء بشأن الاتفاق المحتمل مع إيران، وأكدت أن الرئيس ترامب جاد في التوصل إلى صفقة، وأن إنجازاته في هذا السياق لم تكن لتتحقق لولا تآكل قوة إيران في المنطقة بفعل العمليات الإسرائيلية ضد وكلائها.
زيارة استثنائية ترسم خريطة احتمالات جديدة
الزيارة النادرة للأمير خالد بن سلمان – أول زيارة لمسؤول سعودي بهذا المستوى إلى إيران منذ عقدين – تعكس تحولًا مهمًا في مواقف الرياض وطهران، وقد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوازنات الإقليمية، بانتظار ما ستسفر عنه مواقف طهران وواشنطن في الأسابيع المقبلة.