الاقتصاد

ترامب يعلن مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50%

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارة إلى مصنع للصلب في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، عزمه مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى الولايات المتحدة، لترتفع من 25% إلى 50%. وتهدف هذه الخطوة، بحسب ترامب، إلى “تعزيز أمن الصناعة الوطنية” في مواجهة ما وصفه بالمنافسة الأجنبية غير العادلة، لا سيما في ظل وفرة المعروض العالمي من الصلب وتدني الأسعار. الإعلان يأتي في لحظة مفصلية، وسط تصاعد التوترات التجارية مع الصين وشركاء واشنطن التجاريين في أمريكا الشمالية، وبعد أيام من توقيع اتفاق مثير للجدل بين “يو إس ستيل” الأمريكية و”نيبون ستيل” اليابانية، لم تتضح تفاصيله بالكامل بعد.

إعلان أمام عمال الصلب في بنسلفانيا

 

جاء إعلان ترامب خلال كلمة ألقاها في مصنع تابع لشركة “يو إس ستيل” في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، حيث أكد أن “الرسوم الجديدة ستؤمّن الصناعة الوطنية بشكل أكبر”. وأوضح أن هذه الزيادة ستدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء المقبل، وفق ما نشره لاحقًا على منصة “تروث سوشيال”.

ويأتي هذا الإعلان بعد أسبوع من كشف ترامب عن “شراكة” جديدة بين شركة الصلب الأمريكية العريقة وشركة “نيبون ستيل” اليابانية، دون توضيح ما إذا كانت الصفقة تتضمن استحواذًا كاملاً أو مجرد استثمار جزئي، إذ أشار مستشاره التجاري بيتر نافارو إلى أن الشركة اليابانية “ستشارك، لكنها لن تسيطر”.

دعم الصناعة المحلية على حساب التصنيع

 

برغم الهدف المعلن بتقوية الصناعة الوطنية وتوفير فرص عمل، إلا أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة المواد الأولية التي تعتمد عليها قطاعات أخرى، مثل صناعة السيارات والأجهزة المنزلية والبناء، ما قد ينعكس سلبًا على الأسعار والنمو.

وقد لجأ ترامب إلى المادة 232 من قانون التجارة لعام 1962، التي تتيح فرض رسوم جمركية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وهي الأداة نفسها التي استخدمها في فرض رسوم على الصلب والألمنيوم خلال ولايته الأولى. ويُذكر أن محكمة اتحادية قضت هذا الأسبوع بعدم قانونية عدد من الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب، لكن تلك المفروضة على الصلب لم تتأثر بالحكم.

رسالة طمأنة إلى العمال

 

حرص ترامب على طمأنة عمال الصلب قائلاً: “لن يتمكن أحد من سرقة صناعتكم… عند 25% كانوا يستطيعون التسلل، أما عند 50% فلن يستطيعوا القفز فوق السور”. وأضاف أن هذه الخطوة تمثل حماية حقيقية من المنافسين الأجانب.

توتر محتمل مع الشركاء التجاريين

 

الإجراء الجديد يهدد بإعادة إشعال التوترات التجارية، لا سيما مع كندا، التي تُعد أكبر مورد للصلب إلى الولايات المتحدة بكمية بلغت 6.6 ملايين طن العام الماضي، تليها البرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وفيتنام. أما الصين، رغم كونها موردًا متواضعًا للسوق الأمريكية، إلا أنها تُعد أكبر منتج عالمي للصلب، وقد وصفها ترامب مرارًا بأنها هدف رئيسي لهذه الرسوم الجديدة، متهمًا إياها بـ”خرق” اتفاق تجاري مبرم معها.

سوق عالمي متخمة بالصلب

 

بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن فائض المعروض العالمي من الصلب بلغ في عام 2023 حوالي 551 مليون طن متري، أي ما يعادل أربعة أضعاف إنتاج الاتحاد الأوروبي، ما يضغط على الأسعار ويجعل من الصعب على المنتجين الأمريكيين المنافسة دون حماية جمركية.

وفي سابقة مماثلة عام 2018، فرض ترامب رسومًا جمركية على واردات الصلب بلغت حينها 25%، مع استثناءات جزئية لعدد من الحلفاء، منها حصص سنوية مخصصة لبلدان كالبرازيل والأرجنتين.

تصعيد إضافي مع بكين

 

تزامن إعلان الرسوم الجديدة مع انتقادات وجهها ترامب إلى الحكومة الصينية، متهمًا إياها بانتهاك الاتفاق التجاري الموقع مؤخرًا بين البلدين في جنيف، والذي كان يهدف إلى خفض التصعيد الجمركي الذي بلغ مستويات تشبه الحظر التجاري المتبادل.

ومع استمرار خطاب ترامب المتشدد تجاه التجارة العالمية، تبدو الأسواق مقبلة على مرحلة جديدة من الحذر والتقلبات، مع اقتراب موعد دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى