ترامب يستحضر تاريخ القوة بعرض عسكري جديد في واشنطن
عرض ترامب العسكري يثير جدلاً وطنياً

في قلب العاصمة الأميركية، أعاد الرئيس دونالد ترامب ملف “القوة الوطنية” إلى الواجهة بتنظيمه عرضًا عسكريًا ضخمًا بمناسبة ذكرى ميلاده، مستلهمًا فكرته من احتفالات يوم الباستيل الفرنسي.
رغم البهجة المصاحبة للعاصفة الصاخبة من الدبابات والطائرات، يطرح هذا الاستعراض سؤالًا جوهريًا: هل هو احتفال وطني تقليدي أم خطوة لطمس الحدود بين الجيش والمدنيين في الجمهورية الأميركية؟
بينما يرى أنصار ترامب في هذا الاستعراض رسالة تأكيد على عظمة الولايات المتحدة، يحذّر منتقدوه من انزلاق نحو عسكرة الحياة السياسية، مستحضرين جذور هذه الطقوس في حضارات سومر وروما وبروسيا.
من سومر إلى واشنطن: استعراض القوة عبر التاريخ
استخدم ملوك ما بين النهرين النقوش ليُجسدوا انتصاراتهم العسكرية، فكانت هذه الصور وسيلة سياسية لإظهار السلطان كرمز قوة لا يُقهر.
روما والإبهار الإمبراطوري
في العروض الرومانية، كان الجنرالات يعرضون الغنائم والأسرى وسط احتفالات شعبية، ربطت بين الرومان وقوّتهم العسكرية.
بسمارك وبداية النمط الأوروبي الحديث
طور بسمارك في بروسيا العرض العسكري إلى طقس منضبط، ما انتقل لاحقًا إلى جيوش أوروبا وأصبح أداة دعائية سياسية، ثم تكرّر في أنظمة استبدادية.
الساحة الحمراء واستعراضات موسكو
حولت موسكو منذ الحرب العالمية الثانية عرض الساحة الحمراء إلى مناسبة سنوية لإرسال رسائل تحالفية وعسكرية، وشهد 2025 مشاركة قوات صينية ومصرية.
آسيا بين الأيديولوجيا والقوة
توظف طوكيو وبيونغ يانغ العروض العسكرية لترسيخ أيديولوجيات متعارضة، بينما تستغل سيول استعراضها لخلق توازن رمزي مع جارتها الشمالية.
واشنطن “المضادة” لتقاليد الاستعراض
رغم قوتها، تجنّبت الولايات المتحدة طوال تاريخها عروضًا عسكرية في المدن المدنية، باستثناء مناسبات نادرة مثل عام 1953 و1991.
ترامب يكسر القاعدة ويستحضر الباستيل
تحت شعار “تحية لأميركا” في 2019، نظم ترامب عرضًا مستوحيًا من الباستيل الفرنسي، بمشاركة مكثفة للوحدات العسكرية، ما فجر جدلًا حول حدود السلطة المدنية.
تحذيرات من دروس التاريخ
يحذّر المؤرخون من تشابه هذا العرض مع دخول قيصر روما إلى العاصمة بقواته، معتبرين أن عسكرة المشهد المدني قد تفتح الباب لتغيير جذري في قواعد الحكم.
هذا الاستعراض ليس مجرد تجمع عسكري؛ بل توقيت سياسي وثقافي يختبر مفهوم الهوية الأميركية. فهو بالنسبة للبعض تجسيد لفخر الوطن وقوته، وبالنسبة للآخرين مؤشر على عسكرة متزايدة في الحياة العامة، مما يفتح الباب لأسئلة حاسمة: أين تقف السيادة المدنية أمام نفوذ الجيش؟ وهل قد يكون هذا الاستعراض خطوة تحضيرية لتغيير أعمق في توازنات الحكم؟