إلى أين يتجه الاقتصاد المصري في ظل الصراعات الحالية بين إسرائيل وإيران؟ .. حوار خاص
قناة السويس تحد التهديد الغير مباشر

تشكل الأزمة الراهنة بين إسرائيل وإيران اختبارًا حاسمًا للاقتصاد المصري، خاصة فيما يتعلق بقناة السويس وأمن الممرات البحرية، ورغم أن الخسائر تبدو بارزة على المدى القصير، فإن إدارة الأزمة بفعالية وتحويل التهديدات إلى فرص يمكن أن يُحدث تغييرًا في الدور الإقليمي والاقتصادي لمصر، يتطلب ذلك وضع خطة شاملة توازن بين حماية الأمن القومي، تعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الدخل القومي.
وفي هذا السياق، تناول موقع “العالم في دقائق” نقاشًا مع الدكتورة رشا السيد محمد السلاب، المحللة و الخبيرة الاقتصادية ، لتقديم رؤيتها حول تداعيات الأزمة وتأثيرها على قناة السويس، بالإضافة إلى تداعيات إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، ودراسة ما إذا كانت هناك فرص لمصر لاستغلال هذه التحديات لصالحها.
وإليكم نص الحوار:
إلى أين يتجه الاقتصاد المصري في ظل الصراعات الحالية بين إسرائيل وإيران؟
الشرق الأوسط حاليا يشهد توترًا متصاعدًا بين إسرائيل وإيران، تصاعد بلغ ذروته مع تهديدات متبادلة وضربات مباشرة وغير مباشرة عبر حلفاء الطرفين في المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، وبينما تتركز الأنظار على الجانب العسكري والسياسي، فإن التأثيرات الاقتصادية تتفاقم، وخصوصًا بالنسبة لمصر التي تمثل قناة السويس أحد أعمدة اقتصادها.
هل قناة السويس تحت التهديد غير المباشر؟
قناة السويس تُعد واحدة من أهم الممرات الملاحية في العالم، وتُشكل مصدرًا هامًا للعملة الصعبة لمصر، ومع استمرار التهديدات في البحر الأحمر، خصوصًا من الحوثيين في اليمن، تأثرت حركة التجارة الدولية بشكل كبير.، العديد من شركات الشحن العالمية مثل Maersk وHapag-Lloyd غيّرت مساراتها لتتفادى المرور عبر القناة، متجهةً بدلاً من ذلك حول رأس الرجاء الصالح، وهو ما يعني:
تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة تصل إلى 50% خلال الربع الأول من 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
زيادة زمن وتكلفة الشحن عالميًا، مما يؤثر بشكل غير مباشر على أسعار الواردات في مصر ويزيد التضخم المحلي.
ضغط على العملة الأجنبية نتيجة انخفاض تدفقات الدولار من رسوم عبور القناة.
هل إغلاق مضيق هرمز وباب المندب يمثل خطر على أمن الطاقة والتجارة؟
إذا تطورت الصراعات لتصل إلى إغلاق مضيق هرمز، فالعالم سيواجه أزمة طاقة حادة، إذ يمر عبره ما يزيد عن 20% من صادرات النفط العالمية. وفي حال تم إغلاقه أو تعرض لأعمال عدائية:
سترتفع أسعار النفط عالميًا، وقد ينعكس ذلك بزيادة كبيرة في فاتورة واردات الوقود لمصر.
سترتفع تكلفة إنتاج الكهرباء والنقل، مما يعزز الضغوط التضخمية.
قد تتأثر استثمارات الطاقة في المنطقة، وتزيد حالة الحذر لدى المستثمرين الدوليين في الشرق الأوسط.
أما مضيق باب المندب، فهو شريان حيوي لحركة التجارة بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس، وأي تهديد مباشر له من قبل الحوثيين أو تفاقم التوترات هناك يعني:
تقليص حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
تحول جزء كبير من التجارة الدولية بعيدًا عن قناة السويس.
ضغوط متزايدة على قطاع النقل البحري والتأمين في مصر.
هل سيكون هناك تداعيات على الاقتصاد الكلي المصري؟
نقص الدولار: مع تراجع إيرادات القناة وتزايد تكلفة الاستيراد، ستواجه مصر أزمة في العملة الأجنبية ما لم يتم تعويضها من مصادر أخرى كالسياحة أو تحويلات العاملين بالخارج.
ارتفاع التضخم: أسعار السلع المستوردة سترتفع، خاصة الغذاء والوقود.
تباطؤ الاستثمار الأجنبي: المستثمرون سيترقبون الوضع الإقليمي، ما قد ينعكس على تدفق الاستثمارات في المشروعات الكبرى مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
زيادة الإنفاق العسكري والأمني: لحماية الحدود والمصالح الاقتصادية الحيوية، مما قد يضغط على الموازنة العامة للدولة.
هل هناك فرص محتملة رغم الأزمات؟
ورغم هذه التحديات، توجد فرص يمكن أن تستفيد منها مصر، منها:
تعزيز التجارة الداخلية والإقليمية: في حال تعطلت سلاسل التوريد العالمية، يمكن لمصر لعب دور في السوق الإفريقية والعربية.
توسيع القدرات الصناعية المحلية: عبر تشجيع التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
تعزيز التعاون مع القوى العالمية: مثل الصين والهند، اللتين تسعيان لتأمين طرق بديلة للتجارة، قد يمثل فرصة لمصر كممر بديل أو مركز لوجستي.