قادة أوروبا يواجهون ترامب في قمة السبع: استراتيجية أمريكية غامضة وسط تصعيد إسرائيل وإيران
يهدف هذا الضغط للحصول على توضيح لاستراتيجيته تجاه طهران

في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل إيران، يستعد قادة الدول الأوروبية المشاركون في قمة مجموعة السبع (G7) المنعقدة في جبال روكي الكندية للضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.يهدف هذا الضغط للحصول على توضيح لاستراتيجيته
تجاه طهران، وتفسير تفاؤله المفاجئ بإمكانية التوصل إلى “سلام قريب” بين الجانبين، بينما تتزايد الخسائر البشرية على كلا الطرفين.
تثير تصريحات ترامب غير المدعومة بشأن قرب السلام تساؤلات حول مدى إدراكه لخطورة الموقف، بينما يعتزم الأوروبيون طرح أسئلة مباشرة على ترامب بشأن ما إذا كان سيستخدم نفوذه للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف
إطلاق النار، أم سيترك الحرب تأخذ مجراها. وكان من المفترض أن تُستأنف المحادثات الأمريكية الإيرانية حول البرنامج النووي المدني لطهران هذا الأسبوع، إلا أن الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ ليلة الخميس أدى إلى إلغائها، مما يعقد الجهود الدبلوماسية في المنطقة.
القضية الإيرانية تتصدر أجندة قمة مجموعة السبع
خلافًا لما كان متوقعًا، طغى التصعيد بين إسرائيل وإيران على أجندة القمة، التي كانت ستُركّز على الحرب في أوكرانيا والنزاعات التجارية. ولتفادي الخلافات العلنية، تخلّت كندا، الدولة المضيفة في منتجع “كاناناسكيس” القريب من مدينة بانف،
عن إصدار بيان ختامي مشترك، وفضّلت التركيز على قضايا مثل سلاسل توريد المعادن الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والصين، وأمن الطاقة. يشارك في القمة 15 زعيمًا عالميًا.
وفي هذا السياق، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ونظيره البريطاني كير ستارمر، إلى بلورة موقف موحد يتجاوز النداءات العامة للتهدئة، وسط تباين في المواقف داخل الإدارة الأمريكية نفسها بشأن السياسة تجاه إيران.
دعوات أوروبية للدبلوماسية وسط قلق من انفلات الصراع
أثناء توجهه للقمة، دعا ميرتس إلى إعطاء فرصة للدبلوماسية، مشددًا على ضرورة منع إيران من حيازة السلاح النووي ووقف استهداف المدنيين في إسرائيل. في المقابل، تشعر الدول الأوروبية الثلاث – فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة – بالتهميش، بعد أن همّشها ترامب لصالح مسار تفاوضي مباشر مع طهران.
وعلى الرغم من تعدد الملفات الحساسة المطروحة على الطاولة، يتردد الأوروبيون في استنزاف رأسمالهم السياسي في الدعوة لوقف إطلاق النار، في ظل غموض الموقف الأمريكي وتضارب الرسائل الصادرة عن واشنطن، مما يزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية.
إيران ترد والولايات المتحدة تحذّر: تصريحات ترامب المتناقضة
في طهران، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى تقويض المسار الدبلوماسي، لكنه ألمح إلى استعداد طهران لوقف الرد العسكري إذا أوقفت إسرائيل هجماتها. ونفى مزاعم قبرصية بشأن طلب وساطة مع واشنطن أو توجيه رسائل غير مباشرة.
أما ترامب، فواصل نهجه المتناقض، إذ أشاد بالهجوم الإسرائيلي من جهة، ونفى أي تورط أمريكي من جهة أخرى، وهي تصريحات لم تجد صدىً لدى طهران. وهدد إيران برد قوي إذا استهدفت مصالح أو منشآت أمريكية.
وفي أعقاب مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صرّح ترامب بأن اتفاقًا بين إيران وإسرائيل “سهل التحقيق”، دون تقديم تفاصيل، رغم بقاء نقطة خلاف رئيسية تتعلق بتمسك طهران بالاحتفاظ ببرنامج تخصيب محدود لليورانيوم.
صراع وجودي وصدى نووي: مخاوف من تسلح إيران النووي
رغم إصرار إيران على الطابع المدني لـبرنامجها النووي، تواصل إسرائيل التحذير من وجود برنامج سري قد يسمح بنقل سلاح نووي إلى جماعات إرهابية. ويسود القلق الأوروبي من أن الحرب الحالية قد تخرج عن السيطرة، خاصة مع اتّهامات بأن هدف إسرائيل الفعلي قد لا يقتصر على المواقع النووية الإيرانية، بل يتعداه إلى السعي نحو تغيير النظام في طهران، وهي اتهامات نفتها تل أبيب رسميًا.
لكن بعض المحللين الأمنيين، مثل رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق السير ريتشارد ديرلوف، لم يستبعدوا احتمال أن تحاول إسرائيل اغتيال قادة إيرانيين رفيعي المستوى، بمن فيهم المرشد الأعلى، على غرار ما حدث مع حسن نصرالله في بيروت.
هذا السيناريو قد يدفع إيران إلى الاستنتاج أن السلاح النووي هو الضامن الوحيد لأمنها، ما قد يسرّع محاولاتها نحو التسلّح النووي ويزيد احتمالات دعم الغرب لـسقوط النظام الحاكم في طهران.
وفي ظل الضربات الجوية المكثفة التي تعرضت لها أذرع إيران الإقليمية كحماس وحزب الله، واستمرار تفوق إسرائيل الجوي داخل الأجواء الإيرانية، أصبحت طهران تعتمد بشكل أساسي على ما تبقى من صواريخها وعلى حماية منشآتها النووية المحصّنة في “فوردو” داخل جبال شمال شرق مدينة قم.