تقارير التسلح

“بيكلو”.. سلاح أوكرانيا المعجزة في الحرب الطويلة

ابتكار محلّي يثبت فاعليته، لكنه عاجز عن قلب الموازين في ساحة المعركة

في ظل تراجع الدعم الغربي وتزايد الضغوط الميدانية، لجأت أوكرانيا إلى سلاحها الأهم: الابتكار المحلي. أحدث تجليات هذا التوجه هو الطائرة الانتحارية “بيكلو” (Peklo)، وهي سلاح فريد يوصف بأنه “صاروخ كروز مصغّر”، نجح بالفعل في تنفيذ عمليات قتالية. لكن رغم الإنجاز التقني، يرى الخبراء أن هذا السلاح وحده لن يُحدث تحوّلًا استراتيجيًا في الحرب ضد روسيا.

"بيكلو" صاروخ اوكراني بقدرات الطائرات المسيرة

ما هو “بيكلو”؟ صاروخ أوكراني بقدرات الطائرات المُسيّرة

كُشف عن “بيكلو” لأول مرة في ديسمبر 2024، وهو يُصنّف كـ”طائرة صاروخية مُسيّرة” بسرعة قصوى تصل إلى 700 كلم/ساعة، وبمدى يناهز 700 كلم. يجمع السلاح بين خصائص الدرونات الانتحارية والصواريخ الموجّهة، ويُعتبر خيارًا منخفض الكلفة يُعادل – من حيث الوظيفة – صواريخ كروز الغربية.

بديل اضطراري وسط شحّ الإمدادات الغربية

جاء تطوير “بيكلو” ردًا على القيود الغربية المفروضة على تسليم كييف لصواريخ بعيدة المدى مثل Storm Shadow وATACMS، والتي يُمنع استخدامها في العمق الروسي. هذا ما دفع أوكرانيا لتكثيف جهود التصنيع المحلي وتعويض الفجوة بمشروعات مثل “بيكلو” وسابقتها “باليانتسيا”.

 

إنتاج تحت القصف: من الفكرة إلى المعركة خلال أشهر

بدأ العمل على المشروع في أغسطس 2023، وتم تسليمه رسميًا للجيش الأوكراني في ديسمبر. إنتاج حوالي 100 وحدة خلال 3 أشهر فقط يُعد إنجازًا يُبرز مرونة الصناعات الدفاعية الأوكرانية رغم الحصار ونقص الموارد.

تصميم ذكي يجمع الدقة والاقتصاد

يعتمد “بيكلو” على محرك نفاث تجاري صغير يُركب على جسم الطائرة، مع استخدام تقنيات تصنيع طيران متقدمة. يوجَّه السلاح عبر أنظمة ملاحية مزدوجة (GPS والقصور الذاتي)، مع خطط مستقبلية لإضافة تكنولوجيا تحليل الصور ومطابقة التضاريس لزيادة الدقة.

إلهام للدول الفقيرة عسكريًا

بساطته وكفاءته جعلا من “بيكلو” نموذجًا يُحتذى به للدول التي تسعى لامتلاك قوة نيرانية منخفضة التكاليف. وتُشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تطوير نسخ مشابهة مستوحاة من التجربة الأوكرانية، مثل مشروع Barracuda من شركة Anduril.

 

تحدي الاستقلال الصناعي: سلاح “محلي جزئيًا”

رغم تصنيفه كسلاح أوكراني، إلا أن أجزاء حيوية من “بيكلو” مستوردة، ما يجعل عملية إنتاجه رهينة لسلاسل التوريد الدولية. هذا التبعية تعيق فرص التصنيع المستدام وتُعرض المشروع لأزمات في حال تعرقل الاستيراد.

 

الدفاعات الروسية تتطور: هل يصمد “بيكلو”؟

تواجه الدرونات الأوكرانية خطر التحييد بفعل تطور أنظمة الحرب الإلكترونية والدفاعات الجوية الروسية. ما لم تُعزز قدراتها على مقاومة التشويش وتحسين رؤوسها الحربية، فإن فعالية “بيكلو” قد تتضاءل بمرور الوقت.

 

التقنية لا تكفي: الحرب تُحسم سياسيًا لا ميدانيًا فقط

رغم أهمية “بيكلو”، إلا أنه لا يملك القدرة وحده على قلب موازين الحرب. القوات الأوكرانية تُعاني من إنهاك، والدعم الغربي متذبذب، والحل النهائي يبقى في تسوية سياسية توقف نزيف الدم وتُعيد رسم خريطة الصراع.

“بيكلو” يعكس شجاعة وقدرة الابتكار لدى الأوكرانيين في مواجهة عدو شرس بموارد محدودة. لكنه لا يُغني عن الدعم الخارجي ولا يُعوّض الحاجة لحل شامل. السلاح قد يكتب صفحة مهمة في الرواية الأوكرانية، لكنه ليس النهاية.

 

اقرا ايضا:

صراع غير مرئي بين إيران وإسرائيل في ميادين الحرب السيبرانيه

رجاء رضا

رجاء رضا بكالوريوس إعلام – جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى