عربي وعالمي

حملة ناعمة بأهداف رجعية: كيف يُعاد تشكيل وعي المرأة عبر الثقافة المحافظة

مجلات ومؤثرات يسوّقن الطاعة كأنوثة مثالية تحت غطاء الجمال ونمط الحياة.

في إطار مساعي اليمين المتطرف لإعادة تشكيل الخطاب الثقافي في الغرب، تظهر موجة جديدة تستهدف الشابات تحت مسمى “المرأةفيرس” (womanosphere)، وهي ظاهرة إعلامية محافظة تسعى لتجنيد النساء عبر محتوى ترفيهي يختلط فيه الجمال بالرجعية. الهدف لا يقتصر على التأثير السياسي، بل يتعداه إلى خلق ثقافة بديلة تعيد النساء إلى أدوار نمطية تتماهى مع الطاعة، والخصوبة، والنحافة، والانتماء الحزبي الجمهوري.

مجلة “إيفي”: الجمال في خدمة القمع

تمثل مجلة Evie الأميركية رأس الحربة في هذه الحملة، إذ تُقدَّم كنسخة لامعة من مجلات الموضة التقليدية، لكنها تتضمن رسائل مناهضة للنسوية تدعو النساء للتخلي عن حق التصويت والانخراط في نمط حياة يقوم على الطاعة الزوجية والطهارة الجنسية. إحدى أبرز وجوه المجلة هي هانا نيلمان، التي تُقدَّم كرمز للمرأة “الريفية المثالية” التي اختارت حياة العبودية المنزلية المغلفة بالأناقة. الرسالة الضمنية؟ يمكنكِ أن تعيشي كأميرة إذا قبلتِ أن تكوني خادمة في قصر زوج ثري.

المؤثرات اليمينيّات: أنوثة مصطنعة لقمع حقيقي

أسماء مثل كانديس أوينز وبريت كوبر تبرز ضمن ما يمكن تسميته بـ”المؤثرات المحافظة”، حيث يُقدمن محتوى يجمع بين نصائح الجمال وتعليمات الخضوع. أوينز، التي مُنعت من دخول أستراليا بسبب خطاباتها التحريضية، أعادت تقديم نفسها كنجمة في عالم نمط الحياة، لكنها في الواقع تروج لخطاب سياسي رجعي يستهدف الشابات من خلال ثقافة المشاهير ونصائح العلاقات. هذه الجهود ليست عشوائية، بل جزء من مشروع أوسع يقوده ستيف بانون لتمويل وإدارة الهجوم الثقافي المحافظ.

خطة بانون: اختراق الثقافة أولًا، ثم السياسة

منذ أيامه في موقع Breitbart، أدرك بانون أن التأثير السياسي الحقيقي يأتي من اختراق الثقافة الشعبية. ولهذا سعى لتحويل مساحات الترفيه مثل الإنترنت والمصارعة والبرامج الواقعية إلى منصات لنشر الكراهية السياسية. صنع من ترامب رمزًا ثقافيًا لجمهور يرى في “القوة الرجولية” سببًا للتأييد أكثر من السياسات الاقتصادية. واليوم، يُعاد تطبيق هذا النموذج على النساء، من خلال ثقافة الموضة والعلاقات والعناية بالجمال لترويج رسائل رجعية مغلفة بالأنوثة.

معركة الوعي: هل تصمد الشابات أمام الزحف الثقافي؟

رغم الضجيج الذي يثيره الشبان المنجذبون لأفكار اليمين المتطرف، إلا أن البيانات تشير إلى أن الشابات، وخصوصًا من جيل Z، يتجهن نحو مواقف أكثر تحررًا. الخطر الحقيقي يكمن في هذا الهجوم الثقافي الناعم، الذي يوظف الجاذبية البصرية والشعور بالانتماء لتوجيه النساء نحو الطاعة بدلًا من التمرد. “المرأةفيرس” ليست حملة سياسية تقليدية، بل مشروع لتجميل الاستبداد وتأنيثه. ونجاحه يتوقف على قدرة الشابات على كشف الخداع، والتمسك بحقهن في تقرير مصيرهن دون مقايضة الصمت بالجمال.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى