طاقة

القطب الشمالي: ساحة نفوذ جديدة تتطلب كاسحات جليد نووية

واشنطن تتأخر في سباق الهيمنة على القطب فيما توسّع موسكو وبكين أساطيلهما النووية

في وقت تتجه فيه الأنظار نحو القطب الشمالي كمسرح متنامٍ للصراع الجيوسياسي والمصالح الاقتصادية، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقع المتفرج لا الفاعل، في سباق تكنولوجي واستراتيجي تقوده روسيا وتلحق به الصين، عنوانه الأبرز: كاسحات الجليد النووية.

 

روسيا في الصدارة… والصين تبني من دون حدود

تتقاطع المصالح الاستراتيجية والاقتصادية في القطب الشمالي، حيث تذوب الجليدات وتنكشف معها ممرات بحرية جديدة وثروات طبيعية هائلة. روسيا، الدولة القطبية الأكبر، كانت السباقة إلى استثمار هذه الفجوة، وتمتلك اليوم أسطولاً من سبع كاسحات جليد نووية، وتواصل تطوير المزيد عبر مشاريع مثل Project 22220 وLider-class.

الصين، رغم بعدها الجغرافي، تُصر على أن تكون “قوة قطبية قريبة”، وتستثمر بكثافة في تطوير تقنيات الكسر النووي للجليد، ضمن رؤية استراتيجية أوسع تشمل الوصول إلى المعادن النادرة وطرق التجارة.

أما الولايات المتحدة، فتمتلك سفينتين فقط، كلاهما تعملان بالوقود التقليدي، وتعود إحداهما إلى سبعينيات القرن الماضي.

 

النووي في قلب التفوق البحري

الفرق لا يكمن في العدد فحسب، بل في نوعية الدفع. السفن التي تعمل بالدفع النووي تمتاز بالقدرة على العمل المستمر دون توقف للتزود بالوقود، ما يمنحها ميزة تشغيلية ضخمة في بيئة قاسية ونائية كالقارة القطبية.

الولايات المتحدة، في المقابل، تعتمد على شراء كاسحات جليد تقليدية من فنلندا، وهي خطوة يرى خبراء أنها غير كافية لمجاراة القدرات الروسية.

 

خطوات ممكنة… إذا توفرت الإرادة

وفقاً للخبير النووي سيث غراي، يمكن لأمريكا أن تلحق بالركب خلال ثلاث سنوات فقط إذا بادرت بوضع خطة طوارئ وطنية شاملة. وتشمل خارطة الطريق:

التعاون مع فنلندا لتطوير هيكل سفينة مصممة للكسر الثقيل.

تركيب مفاعل نووي صغير مخصص للسفن السطحية، بتقنيات متوفرة لدى مقاولين أمريكيين.

تعبئة سياسية وتمويل فدرالي سريع لبدء البناء.

 

تأخر مكلف: تهديد للسيادة والمصالح الاقتصادية

غياب أسطول نووي أمريكي يعرض البلاد لمخاطر استراتيجية حقيقية، منها:

خسارة السيطرة على ممرات الشحن الجديدة التي تختصر الزمن والكلفة.

ضعف التواجد العسكري والبحري في الشمال المتجمد.

حرمان واشنطن من فرص استثمارية كبرى في الطاقة والمعادن النادرة تحت الجليد.

روسيا والصين تمضيان قدمًا نحو فرض واقع جديد… وأمريكا لا تزال في مرحلة التخطيط.

 

نداء وطني: لا وقت للانتظار

تدعو الأصوات الاستراتيجية في واشنطن إلى إطلاق مشروع قومي عاجل لبناء كاسحات جليد نووية، تماماً كما حدث في لحظات مفصلية من التاريخ الأمريكي.

امتلاك هذه التقنية سيعني:

ضمان الوجود الأميركي في قلب المسرح القطبي.

حماية الاستثمارات الاستراتيجية من التعدين إلى الكابلات البحرية.

التأثير في صياغة قوانين الملاحة القطبية مستقبلاً.

 

خاتمة: 

القطب الشمالي يتحول بسرعة إلى أرض جديدة للهيمنة الجيوسياسية، ومن لا يمتلك كاسحات جليد نووية لن يكون قادراً على المنافسة.

فهل تتحرك أمريكا قبل أن تُغلق النافذة؟

سولين غزيم

سولين غزيم صحفية سورية ، تتميز بقلمها الجريء واهتمامها العميق بالقضايا الإنسانية والاجتماعية. تعمل على تسليط الضوء على هموم الناس بصوت صادق، وتنقل الحقيقة من قلب الحدث بموضوعية وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى