أوكرانيا تُندد بـ”صمت” الولايات المتحدة بعد أعنف غارة روسية منذ بدء الحرب
موسكو تطلق 298 طائرة مسيّرة و69 صاروخًا خلال هجوم ليلي واسع.. وسقوط 12 قتيلًا بينهم 3 أطفال

نددت أوكرانيا بما وصفته بـ”الصمت الأمريكي” حيال أوسع هجوم جوي روسي منذ بداية الحرب قبل ثلاث سنوات، بعدما تعرّضت مدن أوكرانية لهجمات مكثفة بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية على مدار ليلتين متتاليتين، أسفرت عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال.
وفي بيان نشره على “تيليغرام”، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “صمت أمريكا، وصمت الآخرين في العالم، لا يؤدي إلا إلى تشجيع بوتين”. وأضاف: “كل ضربة إرهابية روسية تُشكّل سببًا كافيًا لفرض عقوبات جديدة على روسيا”.
وأكد مسؤولون أوكرانيون أن موسكو أطلقت خلال هذا الهجوم المتعدد الموجات 298 طائرة مسيّرة من طراز “شاهد”، و69 صاروخًا على أهداف متفرقة داخل الأراضي الأوكرانية.

أوروبا تندد.. وواشنطن تتحاشى ذكر روسيا
جاء الهجوم الجوي الواسع بالتزامن مع تبادل أكبر صفقة أسرى بين الجانبين منذ بداية الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، شملت إطلاق 1000 أسير من الجنود والمدنيين من كل طرف.
ودعت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى “أقوى ضغط دولي ممكن لوقف هذه الحرب”، وكتبت على منصة “إكس”: “الهجمات الليلية تُظهر مجددًا إصرار روسيا على إلحاق المزيد من الألم والتدمير بأوكرانيا. من المدمر أن نرى الأطفال بين الضحايا الأبرياء”.
من جانبه، كتب وزير خارجية إستونيا مارغوس تساهكنه: “ليلة أخرى تُثبت أن روسيا مستمرة في محاولتها محو أوكرانيا من على الخريطة بموجات من المسيّرات والصواريخ… بوتين لن يتوقف إلا إذا فُرض عليه ضغط لا يُطاق. الأمر بأيدينا”.
وفي واشنطن، اكتفى كيث كيلوغ، المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا، بإدانة الهجوم دون أن يُشير صراحة إلى روسيا أو الرئيس بوتين، وكتب: “القتل العشوائي للنساء والأطفال ليلاً في منازلهم يُعد انتهاكًا واضحًا لبروتوكولات جنيف لعام 1977. هذه الهجمات مخزية. أوقفوا القتل. أوقفوا إطلاق النار الآن”. ولم يصدر أي تعليق مباشر من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ضحايا مدنيون من أطفال وعائلات بأكملها
طال القصف الروسي مناطق واسعة من أوكرانيا من الجنوب إلى الغرب، حيث قُتل أربعة أشخاص في إقليم خميلنيتسكي، وأربعة في محيط العاصمة كييف، وشخص في ميكولايف جنوبًا.
وفي قرية مارخاليفكا جنوب غربي كييف، دُمرت عدة منازل بالكامل. وقالت تاتيانا يانكوفسكا (65 عامًا) لوكالة الصحافة الفرنسية: “رأينا الشارع كله يشتعل بالنيران”. أما ألكسندر، وهو متقاعد في الرابعة والستين نجا من القصف، فقال: “لا نحتاج إلى محادثات، بل إلى أسلحة، الكثير منها، لأن روسيا لا تفهم سوى القوة”.
وأعلنت خدمات الطوارئ الأوكرانية أن ثلاثة أطفال من عائلة واحدة – ستانيسلاف ورومان وتامارا مارتينيوك – لقوا حتفهم عندما استهدفت ضربة منزلهم في منطقة جيتومير.
كما تعرضت سكنات طلابية في حي هولوسيفسكي بكييف لقصف مباشر بطائرة مسيّرة، واشتعلت النيران في جدار خارجي للمبنى. وتضررت أيضًا مدن أوديسا ودنيبرو وكونوتوب وسومي وتشرنيهيف وتيرنوبل وخاركيف، بحسب تقارير إعلامية محلية.

احتفالات “يوم كييف” تبدأ من الملاجئ
صادف الهجوم نهاية الأسبوع الذي يُصادف “يوم كييف” – الذي يُحتفل به تقليديًا في آخر أحد من شهر مايو – لكن السكان بدأوا صباحهم في الملاجئ ومحطات المترو والأقبية هربًا من القصف.
ورغم تصدي الدفاعات الجوية لبعض المسيّرات، سُمع دوي الانفجارات وسط العاصمة، وسط مزاعم بأن روسيا زوّدت صواريخها بتقنيات مراوغة مثل الطُعم الراداري لتقليل فرص اعتراضها.
وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية لكييف، في بداية الهجوم: “الليلة لن تكون سهلة”، مشيرًا إلى أن أكثر من 12 طائرة مسيّرة كانت تحلق فوق المدينة، وكتب على “تيليغرام”: “بعض المسيّرات تم إسقاطها بالفعل، لكن المزيد منها لا يزال يخترق أجواء العاصمة”.

تحذيرات من انهيار الجهود الدبلوماسية
فيما تسعى كييف وبعض العواصم الأوروبية إلى فرض هدنة مؤقتة لمدة 30 يومًا كخطوة أولى نحو تسوية سياسية، تلقت هذه الجهود ضربة بعدما رفض ترامب فرض عقوبات إضافية على موسكو لعدم تجاوبها مع مطالب وقف إطلاق النار.
وكتب أندري يرماك، رئيس ديوان الرئيس الأوكراني، على “تيليغرام”: “من دون ضغط، لن يتغير شيء، وستواصل روسيا وحلفاؤها بناء قدراتهم لارتكاب مثل هذه الجرائم مستقبلًا – ليس في أوكرانيا فقط، بل في الغرب أيضًا”.