الرياضة

ميسي يلمع في افتتاح باهت لكأس العالم للأندية من تنظيم فيفا

الأهلي يتفوق ميدانيًا وإنتر ميامي يترنح وسط عرض افتتاحي مبهر

في ليلة رطبة وصاخبة تخالطها مشاهد أقرب إلى الهلوسة، انطلقت النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية على ملعب “هارد روك” في ميامي، وسط زخم إعلامي وترويج مبالغ فيه من “فيفا” لهذا المشروع الذي يُراد له أن يكون محورًا عالميًا لكرة القدم.

إلا أن الواقع جاء مخيبًا: تعادل سلبي بين الأهلي المصري، بطل إفريقيا، وإنتر ميامي الأميركي الذي بدا فاقدًا للتوازن والتناسق في معظم أوقات اللقاء.

العرض الافتتاحي: بريق اصطناعي يسرق الأضواء

ما قبل صافرة البداية كان أكثر إثارة من مجريات اللقاء نفسه. فقد جاء العرض الافتتاحي نابضًا بالحياة، مليئًا بالأضواء، والموسيقى العالية، والرقصات الحماسية، بل وحتى أصوات مخيفة تصرخ “خذوها إلى العاااالم” وكأننا في مشهد من فيلم رعب. العرض كان مبهجًا بحق… لكن المباراة كانت قصة مختلفة.

ميسي: عبقري وسط الزيف والضجيج

دخل ليونيل ميسي إلى الملعب متأخرًا، وسط هتاف صاخب واحتفاء جماهيري هائل. لكنه بدا تائهًا، وكأنه يسير بلا هدف، يسمع موسيقى لا يسمعها سواه.

وفي الشوط الثاني فقط، بدأت تظهر لمحات من سحره القديم، كما لو أن “سيناترا” العجوز غنى من ذاكرته، أو “هيمنغواي” يستعيد أمجاد الماضي وهو يواجه زمنًا لا يعرفه.

ميسي بين الحنين والاستغلال

ما زاد من وطأة المشهد هو الشعور بأن ميسي – أيقونة كرة القدم – لم يكن يُكرَّم، بل يُستَخدم. تحوّل إلى أداة تسويق، يُروَّج به لبطولة تفتقر إلى الروح، ويُقدَّم كرمز في عرض تغلب عليه السياسة والتجارة.

الأمر أشبه برؤية الحرية تُباع في عبوة بلاستيكية… وهمٌ كروي صنعته “فيفا”.

الأهلي كان الأفضل… لكن الحسم غاب

من الجانب الفني، تفوق الأهلي بوضوح، خاصة في الشوط الأول، حيث سيطر وخلق عدة فرص خطيرة، أبرزها ركلة جزاء مهدرة. أما إنتر ميامي، فبدا كمن يعاني من “دوخة كروية” لم يتعافَ منها بعد. وحتى بعد تحسنه في الشوط الثاني، ظل عاجزًا عن هز الشباك.

جمهور ميامي: المتعة خارج المستطيل الأخضر

رغم ضعف الأداء الفني، خرج جمهور ميامي سعيدًا، فالمدينة تعشق البهرجة والليالي اللامعة، وقد نالت ما تريد.

أما خارج الملعب، فقد طغى مشهد سياسي مثير، حيث أقام رئيس أميركي عرضًا عسكريًا استعراضيًا، مما أظهر كيف أصبحت الرياضة والسياسة شريكتين في استهلاك الجماهير.

فيفا: عولمة مزيفة لكرة القدم

كأس العالم للأندية بنسختها الجديدة لا تمثل تطورًا رياضيًا بقدر ما تجسد مشروعًا تجاريًا وسياسيًا ضخمًا. البطولة أشبه بـ”كريستال ميث كروي” – كما وصفها أحد المراقبين – تُقدَّم لمشجعين يعشقون اللعبة، ولكن يُباع لهم وهم الحنين في قالب باهت بلا جوهر. فيفا لا تسعى لتطوير اللعبة، بل للهيمنة على شغف الجماهير.

شيخوخة ميسي… مرآة لجيل بأكمله

مشاهدة ميسي وهو يحاول استحضار أمجاد الماضي لم تكن مؤلمة لأنه تراجع بدنيًا، بل لأن من حوله يستغل صورته وتاريخنا العاطفي معه للترويج لمشاريع جوفاء. إنه انعكاس لحالنا نحن أيضًا… محاولة استرجاع المجد في زمن تغيّر كل شيء فيه.

بطولة بلا أهداف… وكرة بلا روح

انتهت المباراة كما بدأت: بلا أهداف، وبلا انتصار حقيقي لأي طرف. وحده عرض الافتتاح نال الإعجاب، وميسي، رغم كل شيء، ما زال قادرًا على إلهام المدرجات بحركة أو لمسة. لكن خلف ذلك البريق، تقف بطولة بلا جوهر، وكرة قدم تُباع كقميص مزركش: جميل من الخارج، فارغ من الداخل.

الخلاصه: كرة القدم… ولكن ليست كما نعرفها

ما شهدناه لم يكن كرة القدم التي نعرفها ونحبها، بل نسخة مُعلّبة، معدّلة، معدّة للتصدير والترويج. حكاية تُروى بلا روح، وبمستقبل مقلق للعبة التي لطالما كانت مرآةً للصدق والعاطفة والشغف.

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى