الوكالات

إعصار «ميليسا» يضرب كوبا بعد أن حوّل جامايكا إلى منطقة منكوبة

اجتاحت العاصفة «ميليسا» منطقة الكاريبي بعنف غير مسبوق، لتتحول إلى أحد أقوى الأعاصير التي شهدتها المنطقة منذ قرنين تقريبًا. فبعد أن تركت جامايكا في حالة دمار شامل، ضربت كوبا بقوة عاتية تسببت في خسائر مادية جسيمة وتشريد مئات الآلاف من السكان. ومع رياح تجاوزت سرعتها 290 كيلومترًا في الساعة، صنّف الإعصار ضمن الفئة الخامسة، وهي الأعلى على مقياس سافير–سيمبسون، ما جعله من أعنف الأعاصير المسجَّلة في تاريخ المحيط الأطلسي. وتؤكد الهيئات المناخية أن تسارع وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة بات مرتبطًا بشكل مباشر بالاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية، في وقت تواجه فيه دول الكاريبي الصغيرة تحديات هائلة في مواجهة الكوارث المناخية المتكررة.

الإعصار من الفئة الخامسة دمّر جامايكا ثم اجتاح كوبا برياح تجاوزت 290 كم/س مخلفًا دمارًا واسعًا.

جامايكا تستفيق على دمار شامل وإعلان حالة الكارثة

 

استفاق سكان جامايكا على مشهد صادم من الخراب بعد أن اجتاح الإعصار «ميليسا» البلاد، تاركًا وراءه أحياء مدمّرة وبنية تحتية شبه منهارة. رئيس الوزراء أندرو هولنس أعلن حالة الكارثة الوطنية، مانحًا السلطات صلاحيات استثنائية تشمل فرض الإخلاء الإجباري للمناطق المغمورة بالمياه ومراقبة الأسعار لمنع استغلال الأزمة. ووفق البيانات الحكومية، أُجبر أكثر من 15 ألف شخص على اللجوء إلى مراكز إيواء مؤقتة، بينما انقطعت الكهرباء عن أكثر من نصف مليون مواطن. وصف وزير الشؤون المحلية الإعصار بأنه «أسوأ ما شهدته جامايكا في تاريخها الحديث»، مؤكداً أن الأضرار طالت المنازل والطرق والمدارس والمنشآت الحيوية في معظم أنحاء الجزيرة.

البيانات الرسمية تشير إلى نزوح أكثر من 15 ألف شخص وانقطاع الكهرباء عن نحو نصف مليون مواطن.

شهادات مؤثرة من قلب الإعصار

 

في مدينة مانشستر، تحدث السكان عن ساعات من الرعب تخللتها رياح مدمّرة وأمطار غزيرة غمرت الشوارع. جاك جاردنر، أحد الناجين، قال إن الإعصار كان «قاتلاً بحق» لكنه نجا بأعجوبة بعدما صمد منزله أمام العاصفة. بينما وصفت المقيمة ليزا هنري المشهد بأنه «امتحان إلهي»، مضيفة أنها قضت الليل تصلي من أجل السلامة. السكان استعادوا ذكريات أعاصير مدمرة سابقة مثل «غيلبرت» عام 1988 و«إيفان» في 2004، لكنهم أكدوا أن «ميليسا» تجاوزها جميعًا في شدته. وتعمل فرق الإنقاذ حاليًا على إزالة الركام وفتح الطرق، فيما تواصل الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر تقييم حجم الكارثة لتقديم المساعدات العاجلة.

 

كوبا في مرمى العاصفة.. وإخلاء جماعي للسكان

 

لم تمر ساعات على اجتياح الإعصار لجامايكا حتى وجّه ضربته القوية إلى الساحل الجنوبي لكوبا، حيث أعلن الرئيس ميغيل دياز كانيل أن «الأضرار جسيمة وغير مسبوقة». أكثر من 735 ألف شخص أُجبروا على مغادرة منازلهم، في حين تضررت البنية التحتية في مدن رئيسية مثل سانتياغو دي كوبا. انهيارات في المباني، وتدمير للفنادق، وقطع واسع للكهرباء والمياه، كانت أبرز المشاهد في الساعات الأولى بعد العاصفة. وأكدت السلطات أن الأولوية الآن هي لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح المطارات أمام الرحلات الإغاثية. أما مركز الأعاصير الأمريكي فأشار إلى أن «ميليسا»، رغم تراجع شدته إلى الفئة الثالثة، ما زال يشكل خطرًا كارثيًا على كوبا وبقية دول المنطقة.

شهدت الساعات الأولى دمارًا واسعًا في المباني والبنية التحتية، فيما تركز السلطات جهودها على الإغاثة وفتح المطارات للمساعدات.

http://https://youtu.be/XrKy1WodUdI

أزمة مناخية تتفاقم ومطالب بالتعويض

 

أعاد إعصار «ميليسا» إلى الواجهة النقاش حول العدالة المناخية، إذ شدد خبراء الأرصاد على أن ارتفاع حرارة المحيطات الناتج عن الانبعاثات الصناعية يعزز سرعة تكوّن الأعاصير وقوتها التدميرية. قادة دول الكاريبي دعوا مجددًا الدول الصناعية الكبرى إلى تحمّل مسؤولياتها ودعم الدول النامية المتضررة عبر الإعفاء من الديون وتقديم التمويلات اللازمة للتعافي. وفيما تستمر عمليات الإنقاذ وتقدير حجم الخسائر، يترسخ شعور عام في المنطقة بأن الأعاصير لم تعد مجرد كوارث طبيعية موسمية، بل تحذير صارخ من مستقبل مناخي أكثر قسوة، حيث تدفع الشعوب الصغيرة الثمن الأكبر لتغيرات صنعها الكبار.

http://https://youtu.be/XrKy1WodUdI

اقرأ أيضاً

كندا تعيد رسم خريطة تجارتها.. نحو آسيا لتقليل الارتهان لأمريكا

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى