الوكالات

الجارديان: قضية عبد الفتاح تضع العلاقات المصرية البريطانية أمام اختبار سياسي وأخلاقي جديد

السفير البريطاني السابق: مصر تتلاعب بنا وتمنعنا من دعم مواطنينا

في خطوة لافتة، دعا السفير البريطاني السابق لدى مصر، جون كاسون، حكومة بلاده إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى مصر، احتجاجًا على رفض السلطات المصرية الإفراج عن الناشط والمواطن البريطاني المصري علاء عبد الفتاح، أو حتى السماح بالوصول القنصلي إليه.

وقال كاسون، الذي شغل منصب سفير لندن في القاهرة بين عامي 2014 و2018، إن “مصر تدّعي صداقتها لبريطانيا وتعتمد اقتصاديًا على السائحين البريطانيين، لكن هذا لا يتوافق مع إساءة معاملة مواطنينا ومنع سفارتنا من أداء مهامها الأساسية”.

وأضاف أن وزارة الخارجية البريطانية اتبعت الإجراءات الدبلوماسية المعتادة لحل القضية، لكن “ما حدث كشف فقط أن مصر تماطلنا وتحاول فرض إرادتها علينا”.

“دولة بوليسية تعتدي على حقوق مواطنينا”

 

وفي تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وصف كاسون مصر بأنها “دولة بوليسية تمارس العنف والانتقام”، مؤكدًا أن السلطات المصرية “عذبت عبد الفتاح وسجنته بتهم ملفقة، مما سبّب ألمًا بالغًا لأسرته، كما أنها تنتهك حق الحكومة البريطانية في دعم رعاياها”.

وحذر من أن الخطر لا يقتصر على هذه الحالة، مشيرًا إلى أن أي شخص قد يواجه خطر السجن لمجرد نشر تعليق غير لائق على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل غياب الضمانات القانونية، وعجز السفارة البريطانية عن التدخل.

نشطاء من منظمة القلم الدولية ومنظمة العفو الدولية وكتاب وداعمون آخرون يتجمعون خارج داونينغ ستريت، مطالبين الحكومة البريطانية بالمساعدة في إطلاق سراح الناشط الحقوقي البريطاني المصري علاء عبد الفتاح. الصورة: فوك فالسيتش/زوما برس واير/شاترستوك

“لا ضمانة لحمايتك إذا واجهت مشكلة في مصر”

وتابع كاسون: “إذا سألني أحد الأصدقاء اليوم عن حجز عطلة شتوية في مصر، سأقول له: أنت تُخاطر. إذا واجهت مشكلة هناك، فلا توجد ضمانة لحمايتك، ولا ضمانة أن تحصل على محاكمة عادلة أو أن تتمكن السفارة من زيارتك”.

وذكّر السفير السابق بحوادث مشابهة وقعت خلال فترة خدمته، بينها مقتل طالب جامعي من كامبريدج تحت التعذيب في زنزانة، وسجن سيدة بريطانية لعام كامل بعد أن عُثر بحوزتها على كمية من المسكنات خلال عطلتها.

المقارنة مع إيران وهونغ كونغ

 

واعتبر كاسون أن نصائح السفر يجب أن تكون “صريحة وواضحة”، كما هو الحال مع تحذيرات السفر إلى إيران وهونغ كونغ. واعتبر أن قضية عبد الفتاح يجب أن تتحول إلى “مسألة محورية في العلاقة بين لندن والقاهرة”.

تأتي تصريحات كاسون بعد توقيعه على رسالة مفتوحة، بالاشتراك مع اللورد هاين والبارونة كينيدي من حزب العمال، تطالب الحكومة البريطانية بتحذير رعاياها من السفر إلى مصر.

اقتصاد هش يعتمد على السياحة

 

ويُعد قطاع السياحة من الأعمدة الاقتصادية الأساسية في مصر، إذ ساهم بنحو 31 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 2023، ويوفر ما يقرب من 9% من إجمالي الوظائف. كما استقبلت مصر في عام 2024 أكثر من 15.7 مليون سائح، في رقم قياسي جديد، بينهم نحو 500 ألف سائح بريطاني.

ورغم أن التوصيات الحالية الصادرة عن وزارة الخارجية البريطانية تحذر فقط من السفر إلى بعض المناطق مثل سيناء بسبب التهديدات الإرهابية، ولا تتضمن أي تحذيرات تتعلق بالمناطق السياحية الرئيسية، فإن تصاعد قضية عبد الفتاح قد يدفع إلى تعديل هذا التوجه.

ضغوط سياسية بريطانية دون نتيجة

 

وكانت الأمم المتحدة قد وصفت احتجاز عبد الفتاح، المعتقل منذ عام 2019، بأنه “تعسفي”، مشيرة إلى أن مصر ترفض منحه حق الزيارة القنصلية بحجة عدم الاعتراف بازدواج جنسيته.

وعلى المستوى السياسي، حاولت الحكومة البريطانية الضغط للإفراج عنه، إذ تحدث رئيس الوزراء كير ستارمر مرتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن القضية، كما أثارها كل من وزير الخارجية ديفيد لامي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول في لقاءات مباشرة مع المسؤولين المصريين.

ورغم طرح القضية مرارًا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لم تُمنح السفارة البريطانية حتى الآن حق الزيارة الرسمية لعبد الفتاح، المتهم بنشر “أخبار كاذبة”، والمعروف بانتقاداته الصريحة لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى