الوكالات

الشرق الأوسط بين معاهدة الانتشار النووي واستثناء إسرائيل

تجاهل الترسانة النووية الإسرائيلية يقوض جهود منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط

 

في سلسلة من الرسائل الموجهة إلى صحيفة الغارديان، أكد عدد من الكُتاب أن نظام منع الانتشار النووي بات غير فعال في الشرق الأوسط، محذرين من أن تجاهل الترسانة النووية الإسرائيلية، واستمرار السياسات الغربية المتناقضة، لن يؤدي إلا إلى امتلاك إيران للقنبلة النووية عاجلاً أم آجلاً.

 

الإبهام الإسرائيلي يقوّض الاتفاقات الدولية

 

كتب كورادو بيرزيو-بيرولي من بروكسل مؤيدًا لرأي الصحفي سايمون تيسدال، الذي اتهم كلاً من ترامب ونتنياهو وخامنئي بالمساهمة في تقويض الأمن الدولي. أشار بيرولي إلى أن جذور التوتر النووي بين إسرائيل وإيران لا تعود فقط إلى ثورة 1979، بل إلى خمسينيات القرن الماضي عندما بنت إسرائيل مفاعل ديمونا النووي. وبعدما ضغطت فرنسا والولايات المتحدة على تل أبيب للانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي (NPT)، تراجعت واشنطن لاحقًا – في عهد نيكسون وكسينجر – وسمحت لإسرائيل بالحفاظ على “الغموض النووي” مقابل الدعم.

 

وفقًا لبيرولي، فإن هذا “الغموض” مكّن إسرائيل من التهرب من القيود القانونية التي تمنع تقديم الدعم العسكري الأمريكي لدول نووية غير موقعة على المعاهدة. كما شرّع لها اعتماد ما يُعرف بـ”عقيدة بيغن”، التي تتيح توجيه ضربات استباقية لمنشآت نووية في المنطقة، كما حدث مع العراق وسوريا وإيران.

 

ترامب ونتنياهو… والانفجار القادم

 

أرجع بيرولي تصاعد الأزمة الحالية إلى انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، رغم التزام طهران ببنوده. واعتبر أن هذا الانسحاب أعطى نتنياهو اليد الطولى لفرض أجندته، مما جعل من تجدد المواجهة أمراً محتوماً. وأكد أنه إذا لم تنضم إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار، فستمتلك إيران في النهاية القنبلة.

 

نفاق الردع النووي: كوريا الشمالية نموذجًا

 

وفي رسالة أخرى، تساءل الدكتور أنتوني إيزاكس من لندن عن مغزى القبول الغربي بترسانة إسرائيل النووية بينما يُمنع الآخرون من نفس الحق. وأشار إلى أن منطق “الردع النووي” يصبح فارغًا عندما يتم تصنيفه حسب الهوية السياسية للدولة. فإذا كانت كوريا الشمالية تشكل ردعًا بسبب امتلاكها للسلاح النووي، فلماذا لا يُعتبر وجود ترسانة إسرائيل النووية سببًا كافيًا لأمنها؟

 

واقترح الدكتور إيزاكس إنشاء نظام تفتيش ومراقبة دولي فعّال يخضع له الجميع دون استثناء، بدلاً من استمرار الضربات الاستباقية التي تؤدي إلى نتائج كارثية لا يمكن التنبؤ بها.

 

هل نسيتم بوتين؟

 

أما هوبرت كاسل من ساري، فسخر من عنوان “ثلاثة رجال غاضبين قد يقتلوننا جميعًا” في مقال تيسدال، متسائلًا: “وأين بوتين؟ ألا يستحق أن يكون ضمن فرسان نهاية العالم الأربعة؟”

 

العودة إلى ما قبل 2015

 

من جهته، أشار راندير سينغ باينز إلى أن إيران كانت راضية عن الاتفاق النووي، واعتبر أن ما حدث بعد ذلك كان نتيجة مباشرة لانسحاب ترامب من الاتفاق. ورأى أن هذا الاتفاق كان هدية حقيقية للعلاقات بين إيران والغرب، لكن واشنطن لم تكتفِ بالانسحاب، بل استثمرت في شيطنة إيران كتهديد نووي مبرر للتدخل العسكري، تمامًا كما فعلت مع العراق في 2003، وهي المغامرة التي كلفت العالم مئات الآلاف من الأرواح، بينهم آلاف الجنود الأمريكيين والبريطانيين.

 

خلاصة:

 

تتفق جميع الرسائل على أن سياسة “الكيل بمكيالين” في الملف النووي، ولا سيما التجاهل الغربي لترسانة إسرائيل النووية، تمثل أساس الخلل في منظومة عدم الانتشار في الشرق الأوسط. وإذا لم تتم معالجة هذا الخلل عبر إدماج إسرائيل في المعاهدة، فإن إيران – عاجلاً أم آجلاً – ستحصل على القنبلة، ويكون حينها الردع المتبادل هو سيد الموقف، لا المعاهدات ولا الضمانات الغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى